10. التطورات الإقتصادية في العالم الإسلامي


مقدمة :
من نتائج الاكتشافات الجغرافية انتقال مركز التجارة العالمية من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلنتي مما أثر على الوضعية الاقتصادية في العالم الإسلامي.
فما هي مظاهر هذا التحول؟ و ما آثاره الاقتصادية في العالم الإسلامي؟ ولماذا تقلصت مداخيل الدولة وركد الإنتاج في العالم الإسلامي؟ و ما هو الاتجاه الذي سار فيه التطور الاقتصادي في العالم الإسلامي مقارنة مع نظيره الأوربي؟

      I.            تحول طرق التجارة العالمية و انعكاساته الاقتصادية في العالم الإسلامي :
1.     عرفت طرق التجارة العالمية تحولا كبيرا خلال القرنين 15 و 16م :
·        في العصر الوسيط كان العالم الإسلامي يقوم بدور الوساطة التجارية بين الشرق الأقصى وإفريقيا السوداء من جهة و القارة الأوربية من جهة أخرى: حيث كان يتحكم في الطرق التجارية البرية و البحرية محتكرا البضائع التي كانت تروج في التجارة العالمية مثل التوابل والمعادن الثمينة و العاج والعطور و المنسوجات و الخشب و الحديد ، بالإضافة إلى العبيد ، و متوفرا على مراكز تجارية كبيرة منها بغداد و دمشق و القاهرة وفاس .
·        مع بداية الحقبة الحديثة تمت الاكتشافات الجغرافية التي مكنت الأوربيين ( خاصة الإيبيريين ) من إقامة المستعمرات في القارة الأمريكية و سواحل إفريقيا و آسيا،  و تنشيط التجارة معها. و بالتالي انتقل ثقل التجارة العالمية من المجال المتوسطي إلى المجال الأطلنتي ، وتحولت الوساطة التجارية لفائدة أوربا.
2.     أثر تحول مركز التجارة العالمية نحو المحيط الأطلنتي على اقتصاد العالم الإسلامي:
·        في الجهة الشرقية من العالم الإسلامي:  أدى التدخل الأوربي في المحيط الهندي إلى هبوط كبير في مداخيل التجارة بمختلف مناطق الإمبراطورية العثمانية خاصة في مصر و الشام .
·        في الجهة الغربية من العالم الإسلامي : أخذت السفن البرتغالية ترسو في الموانئ المغربية القريبة من مناجم الذهب لتقايض الأفارقة بالبضائع المغربية التي تستولي عليها من المناطق المحتلة بسوس و دكالة . في نفس الوقت أقام البرتغاليون مبادلات تجارية عبر موانئ إفريقيا الغربية مع الأفارقة لجلب الذهب و الرقيق. وبالتالي عانى المغرب من تراجع مداخيل التجارة الصحراوية .

  II.            أسباب تقلص مداخيل الدولة و ركود الإنتاج في العالم الإسلامي:
1.     كان للحروب و الكوارث الطبيعية دور هام في تراجع مداخيل الدولة و ركود الإنتاج في العالم الإسلامي ( المغرب نموذجا (
·        شهد المغرب في القرن 16 مجموعة من الحروب تعددت أطرافها: الوطاسيون، السعديون، الحركات المعارضة،البرتغال، السكان المغاربة.
·        عرف المغرب في نفس القرن كوراث طبيعية منها الجفاف والمجاعات و الأوبئة و الفيضانات ، و انتشار الجراد ، و حدوث الزلازل .
·        من نتائج هذه الحروب و الكوارث الطبيعية : حدوث نزيف ديمغرافي وهجرات سكانية، انتشار أعمال النهب و انعدام الأمن، غلاء الأسعار، تراجع الاستهلاك، ركود الإنتاج الفلاحي و المبادلات التجارية، تقلص مداخيل المخزن الجبائية و اضطراب سلطته .
2.     ساهمت عوامل اخرى في تقلص مداخيل الدولة و تراجع الإنتاج في العالم الإسلامي:
·        تراجعت الحرف التقليدية في العالم الإسلامي أمام منافسة البضائع الأوربية .
·        اكتفى العثمانيون بمراقبة التجارة البرية ، تاركين التجارة البحرية تحت تصرف تام لليونانيين و اليهود و الأرمن ثم الفرنسيين.
·        منح السلطان العثماني للجيش الإنكشاري سلطة جباية الضرائب .
·        اتخذ الملوك الوطاسيون تدابير جبرية في استخلاص الضرائب، مقابل إنفاق إيراداتها حسب هواهم 

III.            نقط الاختلاف بين التطور الاقتصادي في كل من العالم الإسلامي و الغرب الأوربي :
1.     تراجع اقتصاد العالم الإسلامي خلال القرنين 15 و 16م :
·        ضعف النشاط التجاري في العالم الإسلامي ، وتقلص دور النقد في المعاملات .
·        أصبح الاقتصاد في البلدان الإسلامية يعتمد على الفلاحة التقليدية التي تهيمن عليها الطبقة الإقطاعية .
2.     تصاعد اقتصاد الغرب الأوربي خلال القرنين 15 و 16م :
·        أصبحت المدن الأوربية مراكز تجارية و مالية : حيث تزايد الرواج التجاري ونما دور الأبناك في الأداء و تقديم القروض
·        استثمر التجار أموالهم في بعض الصناعات، فظهرت المانيفاكتورات . وشكل التجار و المرابون بورجوازية تجارية قوية .

خاتمة :

 شكلت هذه التطورات الاقتصادية خلال القرنين 15 و 16م ، بداية تراجع نفوذ العالم الإسلامي و تصاعد النفوذ الأوربي . و في القرنين 17 و 18م تأكد اختلال التوازن لصالح الطرف الأخير.